السيد سالم آل طالب ... أيقونة مواهب
ما إن يرحلوا عنا إلى دار الآخرة حتى نلحظ الفراغ الذي تركوه في نفوسنا ووجداننا. أثرهم وبصماتهم باقية ولكن ليس الكثير منا من يتحدث عنها. نحن أما طاقة إيجابية تجسدت في جسيم نحيف ولكنه بطين بالمواهب.
السيد سالم (أبو السيد حسين) ليس مجرد موظف تقاعد من وزارة الصحة، بل كان يبحث عن مكامن الإبداع حتى يدلو بدلوه فيها. كان من الأوائل الذي اقتنوا جهاز حاسوب في بلدته الجارودية، فأسند إليه طلبة العلم وطلاب الجامعات والمدرسين كتابة وطباعة ابحاثهم ودروسهم بما كان متاحا من برامج مخصصة لذلك. حتى توسع في هذا الميدان ليعد ويصمم نماذج جاهزة لمن يريد كتابة بحث أو تحضير درس. كل هذا في وقت كان غالبية الناس لا يملكون جهاز حاسوب أو يتقنون شيء في أساسياته.
ثم خاض غمار التصوير ليبدأ بها رحلة جديدة في هذا الفن. عشقه للكاميرا دام لخمس وعشرين سنة تدرج في سلمها من مبتدأ، ثم هاو إلى أن وصل إلى الإحتراف. ولم ينتهي عند هذا الحد، بل خاض تجربة الرصد والتصوير الفلكي، فأبدع فيه كما أبدع في التصوير التقليدي. وحتى ينقل تجربته في هذا الميدان، ألقى محاضرة بجمعية الفلك بالقطيف تحت عنوان "محاور مهمة حول التصوير الفلكي" حضرها أصحاب الإختصاص والفن وقد نالت على استحسانهم كثيرا لما كان فيها من فائدة فريدة.
وعندما تقدم به العمر ووهن به العظم واشتعل به الرأس شيباً، وجد نفسه بين أحضان الزراعة، يجري فيها التجارب في بيته ليشبع شغفه في هذا المجال وينقل تجاربها لصغار عائلته، قبل أن يرحل عنا سريعاً.
عرفته إنسانا متواضعا بسيطاً وكريماً ... تلتمس الإيجابية وطيبة القلب في أحاديثه. تركنا بعد أن تغلب عليه المرض، لكنه باق بأثره ودماثة أخلاقه وطيبة قلبه.
نسأل الله له الرحمة والمغفرة وأن يجمع بينه وبين أجداده محمد وآله الطاهرين.
الدكتور إسماعيل المعراج